من باراك أوباما إلى إيلون مسك، أقوى الشخصيات حول العالم يقولون أنّهم يحبّون القراءة. فهل ساعة كل يوم هي الطريق إلى النجاح؟
[١]
في فبراير،٢٠١٨ عندما غادر صاروخ فالكون الأرض وسط إعصار من الدخان متضمّنًا حمولة غير متوقعة، بدلًا من المعدّات وروّاد الفضاء قام رجل الأعمال ورائد الفضاء إيلون مسك بتحميل الصاروخ بسيّارته –تِسلا تشيري ريد مكشوفة– ومانيكان مرتديًا بدلة فضاء محتلًا مقعد السائق.
لكن المفاجأة الحقيقيّة كانت في الصندوق الأمامي،كان هناك نسخة مخلّدة في قرص زجاجيّ محفور عليه كتب سلسلة الأساس لإسحق عظيموف، كاتب في الخيال العلمي وعلوم الرجل الآلي.
ملحمة الخيال العلمي التي كتبها إسحق عظيموف أشعلت إهتمام إيلون مسك بالسفر للفضاء عندما كان مراهقًا. تسبح الآن هذه الأقراص الزجاجيّة في مجموعتنا الشمسيّة لعشرة ملايين سنة قادمة.
[٢]
يوجد رواية تحت تصنيف الخيال العلمي إسمها Snow Crash والتي تعني إنهيار الجليد للكاتب نيل ستيفنسون كانت مصدر الإلهام لإبتكار جوجل إيرث / Google Earth: برنامج خرائطي وجغرافي.
زرعت القراءة البذور في رؤوس عدد لا يحصى من المبتكرون.
[٣]
حتى لو لا تملك طموحًا كبيرًا مثل مؤسسّوا جوجل، قراءة الكتب قد تعزّز مهنتك; عادة القراءة أظهرت بأنها تقلّل التوتر، تعزّز من وظائف الدماغ وايضًا تحسّن من حسّ التعاطف. هذا من غير ذكر المنافع الواضحة للمعلومات المحشوّة في صفحات الكتب.
ولو أنّ عالم الأعمال أقصى الذكاء العاطفي في المعادلة مقابل عوامل أخرى مثل الثقة والقدرة على إتخاذ قرارات هامّة، في السنوات الأخيرة يُعتبر التعاطف من المهارات المهمّة على نطاق واسع. طبقًا لدراسة أجريت في ٢٠١٦ تقول أنّ القادة الذين يُجيدون مهارة التعاطف يتفوّقون على الآخرين بنسبة ٤٠٪
وبالعودة لعام ٢٠١٣، ديفيد كيد مختصّ في علم النفس الإجتماعي، قرّر ديفيد كيد بالتحقيق فيما لو كانت القراءة قادرة على تحسين ما يسمى بنظريّة العقل -القدرة على فهم أن الناس لديهم أفكار ورغبات تختلف عن أفكارنا ورغباتنا- هذا التعريف لا ينطبق على التعاطف ولكن يُعتقد بأن المهارتين مرتبطة بشكل وثيق.
حتّى يعرفون الجواب، طلبوا من المشاركين في الدراسة بقراءة مقتطفات من أعمال حائزة على جوائز في الخيال الأدبي مثل رواية تشارلز ديكنز (توقعات عظيمة) أو قراءة روايات رومانسيّة شهيرة تحت تصنيف الخيال. والآخرون طُلب منهم أن يقرأون كتب واقعيّة أو لا يقرأون شيء على الإطلاق. بعدها تم إختبار العينتين ليروا ما لو نظرية العقل قد تحسّنت
نتائج الدراسة كانت مدهشة: سجّل قارئيّ أعمال الخيال الأدبي أعلى النتائج في كل إختبار، مقارنة مع هؤلاء الذين قرأوا كتب من تصنيف الخيال، الواقعيّة، أو لا شيء على الإطلاق وبالرغم من أن الباحثين لم يقيسوا بشكل مباشر كيف تَحسُّن نظرية العقل قد يلعب دورًا في الحياة الواقعيّة، ديفيد كيد قال أن التخمين العادل يُشير إلى أن القارئين المنتظمين سيشعرون بزيادة في التعاطف الخاص بهم.
“لو علم أغلب الناس، كيف يشعر الآخرون.. سيستخدمون هذه المعرفة في أمور صالحة للمجتمع”
بالإضافة لتحسين قدرتك على الشعور بزُملائك وموظّفيك، التعاطف قد يؤدي إلى تعاونات ولقائات أكثر إنتاجيّة “هناك دراسة تُظهر بأن الأشخاص يميلون لأن يكونوا مُنتجين أكثر في المجموعات التي يشعرون فيها بحريّة للتعبير والتحدّث عن الإختلافات خصوصًا عندما تكون المهام إبداعيّة.
الآن بعد أن إقتنعت بفوائد القراءة خذ بعين الإعتبار هذه الدراسة الإستقصائيّة في عام ٢٠١٧ تم تطبيق الدراسة على ١٨٧٥.. يقضي البالغين البريطانيين متوسّط ساعتين و٤٩ دقيقة على جوّالاتهم كل يوم. للوصول للهدف اليومي بقضاء ساعة مع كتاب لابُد لأغلب الأشخاص أن يقلّلوا من إستخدامهم للجوّال حتى يتمكّنوا من القراءة.
لنساعدك في رحلتك، لو كنت من القارئين الذين يكتنزون الكتب المفيدة في رفوف المكتبة متمنّيين من المعلومة أن تتخلّل إلى عقولهم يومًا ما أو كنت من القارئين المتعجرفين الذين يحبّون أن يعظوا الآخرين بقراءة كتبهم المفضّلة وهُم لم يقرأوا سوى الصفحة الأولى من الكتاب، هنا نصائح من أشخاص يعتبرون أنفسهم قُرّاء نهمين دون الحاجة للكذب.
١. اقرأ لأنك ترغب بذلك:
علّمت Cristina Chipurici نفسها أن تقرأ عندما كان عمرها أربعة سنوات. شغف القراءة الجديد جعلها تلتهم كتب والديها لكن بعدها حدث شيئًا ما.. عندما دخلت مرحلة الدراسة الإبتدائيّة أصبحت القراءة عملًا إجباريًا حتى أصبحت تنفر من نشاط القراءة وذلك بسبب معلّمة اللغة التي درّستها في المرحلة مّما جعلها لا ترغب بقراءة أيّ كتاب مجدًدا.
النفور من الكتب والإشمئزاز منها إستمر معها حتى عشرينيّات عمرها. أدركت كريستينا على مهل مالذي كان ينقصها – فالأشخاص الذين يقرأون وصلوا مراحل متقدّمة في حياتهم بسبب أهميّة المعلومات التي يتلقّونها من الكتب ممّا أحدث الفرق بينها وبينهم من الناحية المهنيّة.
فتعلّمت حب القراءة مجدًدا وأسّست موقع The CEO Library، عن الكتب التي شكّلت حياة أكثر الناجحين في العالم، من كتّاب إلى سياسيّن إلى ملوك الإستثمار.
تقول كريستينا أن هناك عوامل كثيرة ساهمت في هذه النقلة، ابتداءًا من المعلّمين الذي أوصوها بإتخاذ قرار الإستثمار في الدروس المتاحة على الشبكة حيث إكتشفت كريستينا نظام تعليم مختلف.. وبالوصول إلى مقالات مدوّنة Ryan Holiday’s، كان رايان يتحدّث دائمًا عن الكتب التي ساعدته.
وإذا كان هناك فضيلة في هذه القصّة فستكون أن تقرأ لأنك ترغب بذلك، لا تسمح لنشاط القراءة أن يكون عمل رتيب أو يومي إجباري
٢. إبتكر نمط قراءة خصيصًا لك:
دائمًا ما كانت الصورة النمطيّة للقارئ النهم هي أن يحمل الشخص معه الكتب ذات الطبعة الأولى في الحلّ والترحال كما لو أن كتب الطبعة الأولى لها قيمة خاصّة عن باقي الطبعات! يقول ديفيد كيد بأنه يقضي ساعتين يوميًا في التنقّل من مكان إلى مكان وبالرغم من أن الوقت ليس مثاليًا إلّا أنه مازال هناك متّسع من الوقت للقراءة أثناء السفر والتنقل من وإلى عمله (ليس أثناء القيادة) وجد ديفيد أنه من المريح أن يقرأ على شاشة جوّاله بدلًا من حمل الكتب معه في كل مكان وعندما يقرأ أعمال واقعيّة والتي يعاني أغلب الناس في قرائتها يلجأ لإستعمال الكتب المسموعة.
للقراءة أشكال عدّة ليست محصورة في ورق.
٣. لا للأهداف المخيفة:
التماشي مع عادات المديرين التنفيذيين الناجحين قد يكون مهمّة مُربكة. اثنان من أشهر ذووا التحصيل المرتفع تم إجراء مقابلة معهم في المكتبة التي أسّستها كريستينا:
Fabrice Grinda, رائد أعمال بدأ بـ ١٠٠،٠٠٠ دولار كقرض والآن جمع ٣٠٠ مليون دولار ببيع حصصه في إستثمارات ناجحة.
Naveen Jain, رائد أعمال قام بتأسيس موون إكسبريس (في وادي السليكون) وهي أوّل شركة حصلت على الإذن لمغادرة الأرض والهبوط على سطح القمر.
هذا الأوّل، يقرأ ١٠٠ كتاب كل سنة; الآخر يُحبّ أن يستيقظ كل يوم في الساعة الرابعة فجرًا ليقرأ لمدّة ثلاثة ساعات.
في الحقيقة، لا يتطلّب الأمر كل هذا! Andra Zahari، مسوّقة محتوى مستقلّة ومقدّمة بودكاست وقارئة شغوفة، أسمى نصائحها تقول: تجنّب التوقّعات الغير واقعيّة والأهداف المُربكة.
” دمج القراءة اليوميّة، أعتقد بأنها قضيّة متعلّقة بالبدأ بالقليل”
تقترح زاهراي أن نبدأ بسؤال أصدقائنا عن توصيات كتب وقراءة صفحة أو صفحتين منها.. فلا يتحتّم عليك أن تفتح جودريدز وتضع هدف ٦٠ كتاب لكل سنة.. كتب كيندل قد تكون خيارًا أسهل، لأنك لا تستطيع أن ترى بسهولة رقم الصفحات المتبقيّة عندما تقرأ.
٤. لو كنت تعاني حقًا، جرّب قاعدة الـ ٥٠:
هذه القاعدة ستساعدك لتقرّر متى يجب أن تتوقّف عن قراءة كتابٍ ما. إذا كنت ميّال بلا هوادة إلى أن تترك الكتاب عند الصفحة الرابعة أو أن تقضي وقتك كادحًا في محاولة أن تقرأ مجلّدات تكرهها، الفكرة هي أن تقرأ أوّل خمسين صفحة من الكتاب بعدها تقرّر ما لو كان الكتاب كما قالت ماري كوندو مؤلّفة كتاب سحر الترتيب: يشعل بهجتك.. وإذا كان الكتاب لا يفعل هذا، إذًا تخلّى عنه.
تم إختراع الإستراتيجيّة بواسطة الكاتبة، أمينة المكتبة والناقدة الأدبيّة نانسي بيرل، تم شرح الإستراتيجيّة في كتابها (Book Lust) يتضمّن الكتاب أفكار للأشخاص الذين يبلغون من العمر ٥٠ عامًا أو أكثر.. تقترح نانسي أن يطرح القارئ عمره من ١٠٠ عام والنتيجة تكون عدد الصفحات الذي ينبغي للفرد قرائتها.
عندما تتقدم في السن تُصبح الحياة قصيرة جدًا على أن تقرأ كتابًا سيئًا.
إنزع هاتفك من يدّك لساعة في اليوم، وضع مكانه كتاب، سيعزّز هذا من حسّ التعاطف لديك ويجعلك مُنتجًا أكثر. وإذا كان أكثر الناس إنشغالًا ونجاحًا في العالم قادرون على إدارة وقتهم، أنت تستطيع ايضًا. فلا أحد يعلم ماذا ستفعل بكل المعرفة والإلهام الناتج من القراءة.. قد ينتهي بك الأمر مؤسسًا مشروعًا في الفضاء!!